The News Jadidouna

البطاريق تتحدث معا تحت الماء

اكتشف باحثون أن طيور البطريق “تتحدث” معا تحت الماء، وقدمت في دراستهم المنشورة بدورية “بيرج” العلمية المختصة، أول دليل على أن البطاريق تصدر أصواتا تحت الماء أثناء بحثها عن الغذاء.

ومن المعروف أن طيور البطريق -مثل جميع الطيور البحرية- تكون أصواتها عالية على اليابسة حيث تتكاثر، وتستخدم الطيور هذه الأصوات لمساعدتها في التعرف على رفاقها وأقاربها.

وبعيدا عن موسم التكاثر، تقضي الطيور البحرية معظم حياتها في البحر وتتأقلم مع البيئة البحرية حيث تتغذى.

وطيور البطريق فريدة للغاية بين الطيور البحرية لقدراتها الشديدة على الغوص، ويمكنها إجراء سلسلة من نوبات الغطس بعمق يتراوح بين عشرين وخمسمئة متر (حسب الأنواع)، بحثا عن الأسماك أو الكريل أو الحبار.

بدء التجربة

ونظرا لقدرة البطاريق على الغوص، أراد العلماء معرفة ما إذا كانت تنتج أصواتا للتواصل تحت سطح الماء.

وللقيام بذلك، قام فريق وحدة أبحاث المفترسات العلوية البحرية في جامعة نيلسون مانديلا بجنوب أفريقيا بتثبيت أجهزة تسجيل فيديو صغيرة، مزودة بميكروفونات مدمجة، على ظهر ثلاثة أنواع من طيور البطريق، هي البطريق الملك وبطريق جنتو وبطريق المعكرونة.

وتم اختيار هذه الأنواع لأنها تعكس تنوع إستراتيجيات التغذية في طيور البطريق، حيث يتخصص بطريق الملك في التغذية على الأسماك على عمق كبير (200م)، في حين أن بطريق المعكرونة يتغذى في الغالب على أسراب الكريل في أول عشرة أمتار من عمود الماء.

على النقيض من ذلك، فإن لبطريق جنتو إستراتيجية غذائية متنوعة للغاية، فهو يتغذى على جميع أنواع الفرائس في جميع الأعماق.

وتم أسر الطيور أثناء مغادرتها مستعمرات التكاثر في جزيرة ماريون، قبالة جنوب أفريقيا، وهي في طريقها إلى البحر، وتم استرجاع الكاميرات بعد رحلة البحث عن الطعام.

نتائج غير متوقعة

بسبب صعوبات التسجيل، لم يكن يعرف سابقا سوى القليل جدا عن أصوات طيور البطريق في البحر. ومع ذلك، وبفضل التطورات التكنولوجية الحديثة، أصبحت هذه المعلومات متاحة، ولا سيما من خلال استخدام مسجلات الفيديو المصغرة المنقولة المثبتة على أجساد البطاريق.

سجل الباحثون 203 تسلسلات صوتية لتعبيرات الأنواع الثلاثة تحت الماء على مدى خمس ساعات تقريبا من تصوير الفيديو، 34 من بطاريق الملك، وواحدة من بطريق المعكرونة و168 من بطاريق جنتو.

وجد الباحثون أن جميع تسلسلات التعبيرات الصوتية كانت قصيرة وتنبعث في مرحلة الغوص أثناء صيد البطاريق، وحدثت معظم التعبيرات الصوتية (73%) خلال المرحلة العميقة من الغوص، في المكان نفسه الذي تصطاد فيه طيور البطريق طعامها في الغالب.

وارتبط أكثر من 50% من الأصوات بشكل مباشر بسلوك الصيد، بعد مطاردة الفريسة أو مباشرة بعد محاولة اصطياد الفريسة.

ونظرا لأن التعبيرات الصوتية تم إنتاجها بواسطة الأنواع الثلاثة من طيور البطريق، فإنها تشير إلى أن السلوك الصوتي تحت الماء قد يكون موجودا في أنواع البطاريق الأخرى.

كما تم تسجيل النطق الصوتي بنسبة أعلى عندما كانت البطاريق تتغذى على الأسماك، مقارنة بالكريل والحبار. وهذا يشير إلى أنها يمكن أن تكون أكثر شيوعا في طيور البطريق التي تتغذى على الأسماك.

النتائج التي توصل إليها الباحثون بشأن السلوك الصوتي للبطاريق كانت غير متوقعة تماما، ولقد تأكدوا بالفعل من أن استخدام التعبيرات الصوتية على سطح البحر كان مرتبطا بتكوين مجموعة من طيور البطريق جنتو.

وأن طيور البطريق الأفريقية تصدر أصواتا أعلى سطح البحر في الغالب عند التنقل (ربما للحفاظ على الاتصال مع بعضها بعضا) والبحث عن كرات الطُعم (ربما لمزامنة سلوكياتها).

أسئلة جديدة

بعد تحليل نتائج الدراسة، برزت أسئلة تشكل إشكاليات بحثية جديدة، على سبيل المثال: كيف تكون طيور البطريق قادرة على إنتاج مثل هذه التعبيرات الصوتية تحت الماء، على الرغم من وجود ضغط عال للمياه في الأعماق، ولماذا تتحدث تحت الماء؟

وهل تشير كل هذه الأصوات إلى المعلومات نفسها، ثم هل تنتج أصواتا أخرى تحت الماء في سياقات مختلفة، وهل هي مرتبطة بالاحتياجات الفسيولوجية للغوص في حالة حبس النفس، ولضبط الطفو؟

هل يمكن أن تكون لها وظيفة في التفاعلات الاجتماعية، وهل يمكن أن تكون هذه التعبيرات الصوتية جزءا من تقنية الصيد، أو هل يتم استخدامها لبث الفزع والذعر لدى الفريسة؟

يأمل الباحثون أن تستمر التطورات التكنولوجية في التقدم، لتقديم مزيد من الإجابات حول هذه التساؤلات التي تحيط بسلوكيات البطاريق.

المصدر : الجزيرة

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy