The News Jadidouna

التوجه الى التحقيق الدولي: “تضييع للوقت” أو الأمل الوحيد؟

كتب عبدالله ملاعب:
يدخل لبنان اليوم في الأسبوع الثاني بعد الكارثة التي حلّت بمرفأ بيروت، بينما يبقى الغموض والتخبّط عنوان السلطة اللبنانيّة التي ترى، وفق الرئيس ميشال عون، في التحقيق الدولي “تضييعًا للحقيقة”.

يدرك عون حجم ثقة الشعب والمجتمع الدولي بالدولة اللبنانيّة، كإدراكه لوجود ٤٦ ضابطاً فرنسيّاً في بيروت لضمان حياد التحقيقات. ولكن ما لا يدركه أنّ كلّ ما يحيط بمجزرة بيروت يسمح للمجتمع الدولي بتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يُجيز التدخّل المباشر لمجلس الأمن بصرف النظر عن موقفه.

كيف يمكن ربط إنفجار بيروت بالفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؟
يوضح هذه العمليّة الدكتور عماد سلامة، أستاذ مشارك في العلوم السياسيّة لدى الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة (LAU). فيقول سلامة لموقع mtv: “إنّ القانون الدولي لا يُخَوِّل ولا يُعَوِّل على أيّ تحقيق يديره المشتبه به أو أعوانه فهذا يتناقض مع مبدأ العدالة والشفافيّة”، ويردف قائلاً “إنّ الدولة اللبنانيّة تتحمّل ما حصل وهي متهمة بشكل أو بآخر وبالتالي لا يستطيع المتهم القيام بالتحقيق بدءًا من الرئيس عون ونزولًا، لا سيما في ظلّ الوثائق التي تثبت علم الرؤساء بوجود المادة المتفجرة”.
ومن هذا المنطلق يتحدّث د. سلامة عن مفهومين يشكلان مخرجاً قانونيّاً دوليّاً يلزم الأمم المتحدة بالتحقيق بمجزرة بيروت من دون العودة إلى الدولة اللبنانيّة.

المخرج القانوني الأول: لبنان دولة فاشلة Failed State
إنّ الإنفجار الذي وقع في الرابع من آب يؤكد أنّ الدولة اللبنانيّة لا تستطيع حماية شعبها. فهي لم تستطع ضبط أطنان من مواد متفجّرة وصلت إلى مرفأ العاصمة بطريقة مشبوهة. بل ارتأت السلطات تبرير الإنفجار بعبارة “لم ندرِ”. ومن جهة أخرى، إنّ السيادة التي تعتبر من أهم شروط الدولة، مستباحة كليًّا في لبنان. فالمعابر غير الشرعية مزدحمة برًّا وبحرًا وجوًا وتشهد الأزمة الإقتصاديّة الأخيرة على ذلك إذ تختفي العملات الصعبة ومادة المازوت، وغيرهما من الأسواق اللبنانيّة وتكون الوجهة ما بعد الحدود.
وفي سياق الحديث عن مفهوم “الدولة الفاشلة”، لا بدّ من الإشارة إلى مفهوم “حصريّة السلاح بيد الدولة” والذي يعتبره المفكر السياسي ماكس فيبر من أهم شروط الدولة. ففي لبنان، الدولة لا تحتكر العنف أبدًا، إذ ثمّة سلاح غير شرعي خارج عن سلطتها. هذا وينقص الدولة اللبنانيّة شرط أخر من شروط ماكس فيبر لتفسير الدولة، وهذا الشرط إداري متعلق بوجود نظام ضريبي متكامل ينتج مداخيل للدولة. إنّ هذا الشرط أيضا غير متوفر في الدولة اللبنانيّة المنهكة بالديون ولا مداخيل لها. لتسقط الجمهوريّة في امتحان الدولة ويكون لبنان دولة فاشلة عسكريًا وشعبيًا واقتصاديًا وسياسيًّا.
المخرج القانوني الثاني: مفهوم “مسؤوليّة الحماية” Responsibility to Protect
عام 2005 أقرّ مؤتمر القمة العالميّة لرؤساء الدول والحكومات مبدأ “مسؤوليّة الحماية” وهو مبدأ في القانون الدولي يُشير الى التدخلات في الشؤون الداخليّة لدولة ما، إن كان الأمر متعلّقاً بحماية السكان من الإبادة الجماعية أو جرائم الحرب أو التطهير العرقي أوالجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
وفي هذا السياق، إنّ ما حصل في بيروت دليل قاطع على عجز الدولة عن حماية مواطنيها. وبالتالي تطبيق مفهوم “مسؤوليّة الحماية” المعروف بـ RtoP يجوز لحماية المدنيين من إمكانية وقوعهم ضحية عمل يسمو الى جريمة ضد الإنسانية مرتكبة من قبل دولتهم. ويقول د. سلامة في هذا الإطار: “لربما ما حصل في بيروت لم يكن عن سابق تَصَوّر وتصميم من قبل الدولة اللبنانية إنما خيوط الجريمة وتداعياتها يجزمان ضرورة القيام بتحقيق دولي يصون مبدأ العدالة للمدنيين”.

كيف يصل الصوت الى الأمم المتحدة؟
إنّ طلب إجراء تحقيق دولي لمعرفة من المسؤول عن الكارثة التي حلّت باللبنانيين يصل إلى الأمم المتحدة بطريقتين. الطريقة الأولى عبر رعاية الطلب من قبل دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن. أما الطريقة الثانية فتتمثل بتوقيع عريضة تطالب بفتح تحقيق دولي. وهذا ما أقدمت عليه كتلة اللقاء الديمقراطي بالتنسيق مع كتلتي المستقبل والجمهورية القوية. ولكن على العريضة أن تُسَلَّم إما لأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أو المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش.
الرئيس عون والأمين العام لحزب الله السيد نصرالله يتفقان على رفض التحقيق الدولي الذي يرى فيه نصرالله “وظيفة لتبرئة إسرائيل”، بينما تبقى قوى المعارضة داخل البرلمان وخارجه مع رفع الملف إلى الأمم المتحدة وسط متابعة ومشاركة حثيثة للمجتمع الدولي في المشهد اللبناني.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy