The News Jadidouna

الحياة في طرابلس: الفقر أقوى من الكورونا

دخلت مدينة طرابلس ومعها مناطق الشمال، في زحمة ما قبل العيد. عادت الحركة إلى الأسواق بعد أسابيع من الإقفال الذي فرضته التعبئة العامة ثم أتى القرار الحكومي الأخير بفتح البلد في أسبوع العيد.

هذه الحركة على قوتها لا تعكس حماسة في البيع والشراء كما يؤكد أصحاب المحلات. فـ”الزبون صار مستعدًا لمجادلتك كل النهار حتى يأخذ القطعة بالسعر الذي يريد”. أصحاب المحال التجارية كانوا ينتظرون قرار فتح البلد عشية العيد علّهم يستفيدون من حركة افتقدتها الأسواق لأشهر، وقد صارت أوضاعهم المادية وأوضاع المدينة الإقتصادية بشكل عام كارثية.

حتى المواطنون، وبعد كل ما حلّ بهم من فقر بسبب الإقفال وتعطّل المصالح، لم يعودوا آبهين لشيء… لدرجة أنّ البعض يقول إنّ الحكومة لم تتخذ قرار فتح البلد في أسبوع العيد لكي يتنفس الناس الصعداء، وإنما خوفًا من موجة غضب شعبي كانت ستجتاح البلد ولن توفّر شيئًا.

في طرابلس، نزل المواطنون إلى الأسواق وفي نيّتهم شراء حاجيات عيد الفطر، من ملابس وحلويات، فشهدت المدينة أمس حركة كثيفة في الشوارع والطرقات. ما كان لافتًا، هو أن المواطنين لم يتخذوا إجراءات الحماية الصحية المطلوبة في ظل تفشي وباء كورونا، لا سيما الكمامات والقفازات… وكأنّ الناس لم تعد آبهة بما سيحلّ بها بعد الكوارث الاجتماعية التي تحاصرها من كل جهة، فصار الاستهتار بالصحة تحصيلاً حاصلاً.

وفي هذا السياق، كتب الإعلامي جوزيف وهبة على صفحته الخاصة على موقع فايسبوك: “الدولة تجرب في طرابلس نظرية “مناعة القطيع”، من خلال ترك المواطنين يسرحون ويمرحون بلا تعبئة ولا حد أدنى من الإحتياطات الأولية كالكمامة والمسافة الآمنة: إذا عبرت الموجة بلا إصابات تذكر، تسجله إنجازاً في ملفها الحكومي – الصحي… وإذا ابتلينا (لا سمح الله) تحملنا المسؤولية كشعب جاهل لا يلتزم بالتوجيهات الرسمية! بئس الدولة.. وبئس المصير مع هكذا دولة!”. وهذا الرأي يعبّر عن آراء كثيرين في المدينة يعتبرون أنّ هذه الحكومة تسجّل لنفسها الإنجازات الفارغة وهي في الحقيقة تترك الناس تواجه مصيرها بنفسها.

يتصرّف الناس في طرابلس والشمال على أن “الكورونا” أصبح وراءنا حتى لو كان بيننا. فالجوع والفقر أصعب من كل ذلك. فالمصاب يشفى بعد أيام، ولكن الجائع أو الفقير احتمال موته أكبر. بائع العصير، وبائع المغربية والمخلل، وبائع الحلوى والكعك وصاحب البسطة أيًا كان نوعها، هؤلاء من جماعة “كل يوم بيومو”، إذا مرّ يومٌ ولم يعملوا، فقد لا يأكلون!

مايز عبيد-نداء الوطن

 

 

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy