The News Jadidouna

تحركات سعر الصرف في السوق السوداء… إليكم السعر الاقتصادي للدولار خارج المضاربات

 

د. بيار الخوري – خاص جديدنا

انشغل الرأي العام في اليومين الماضيين بالتقرير الذي اعده بنك اوف اميركا والمشتق من محاكاة متعددة السيناريوهات حول احتمال بلوغ سعر صرف الدولار الاميركي تجاه الليرة اللبنانية مستوى يفوق ٤٦٠٠٠ ليرة لبنانية اي اكثر من ثلاثين ضعف سعر الصرف الرسمي الحالي.
كيف نفصل الحق عن الباطل في هذه المحاكاة؟
لا يمكن الاعتداد في الواقع باي محاكاة تستند الى واقع متغير باستمرار واحياناً بشكلٍ يومي. بل ان الواقع اللبناني يصعّب حتى السيناريوهات المتعددة، لان مثل تلك السيناريوهات-المحاكاة تتطلب حصراً لمجموعة معقدة من العوامل التي يمكن ان تغيّر الاتجاهات او تعدّل وتيرتها.
لنقل مثلاً ان لبنان قد امن خط تمويل للمحروقات فان ذلك سيخفض استنزاف العملات الاجنبية بشكل جذري. او ان نفترض بشكل معاكس ان توتراً ارهابياً ما قد استجد في لبنان (لا سمح الله) فان كل العناصر الاقتصادية قد تسقط امام التداعيات النفسية والتوقعات الامنية لهكذا حدث ويتحول الى كابوس في سوق القطع.
ان لبنان مقبل على عدة اشهر حساسة جداً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية وهذه الحساسية قد تؤثر بشكل غير واقعي على تحركات سعر الصرف في السوق السوداء.
بناء لما تقدم قد يكون سعر الصرف متدهوراً بنسب اعلى من اي توقعات او قد يستقر عند مستويات تم خصمها سابقاً في السوق وتؤشر لاستقرار ما في سوق القطع.
ان حجم التأثيرات السياسية تجعل الاساسيات الاقتصادية في سوق القطع عاملاً مؤثر ولكن ليس العامل الحاسم في تحديد علاقة العملتين.
ان الانزلاق نحو تجربة ١٩٨٤-١٩٩٢ ممكن ولكن ليس قدراً محتوماً. كذلك فان اي قرار لتحييد لبنان عن النار الاقليمية ولو بالحد الادنى من تأمين مستلزمات الاستيراد سوف ينعكس اسقراراً نسبياً في سوق القطع او تراجع يمكن استيعابه سياسياً وشعبياً.
الاكثر اهمية اليوم هو الاهتداء لقاعدة اقتصادية لاستدلال مستوي سعر الصرف على المدى المتوسط خارج الاستناد الى قوة عناصر المضاربة وفقدان الثقة قصيرة الاجل.
ان ذلك ممكن بالاستناد الى مقارنة مستويات التضخم بين لبنان و الولايات المتحدة منذ التسعينات الى اليوم باستخدام معادلة تعادل القوة الشرائية والتي اتوقع ان تنتج سعراً للصرف لا يتجاوز ٦٠٠٠ ليرة للدولار الاميركي.
هل تحدد هذه المعادلة تقلبات سعر الصرف في السوق؟ قطعاً لا! ولكنها تسمح باستقراء سعر الصرف بافتراض عزل عناصر المضاربة والصراعات السياسية والاقليمية وتدهور ثقة اللبنانيين بالمستقبل.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy