The News Jadidouna

خاص: ايها العمال والموظفون ودّعوا الحد الادنى للأجور

خاص جديدنا

موضوع الحد الادنى للاجور موضوع شديد الحساسية في لبنان. فهذا المعيار هو جزء من الثقافة العمالية منذ ما قبل الحرب الاهلية في لبنان.
لقد تمت صياغة الحد الادنى المذكور بعقلية تأمين كرامة الحد الادنى للعامل والموظف ثم تترك الحرية للمؤسسات في تقرير العلاوات والزيادات والترفيع فوق هذا الحد.
لقد عمل هذا النظام جيداً قبل الحرب لكن بعد التضخم الجامح في الثمانينات من القرن الماضي ومن ثم خروج البلاد من الحرب، تعرض عذا المفهوم لتشوه خطير ولم يعد يعكس حاجات الحد الادنى لكرامة الموظف والعامل بقدر ما عكس التوازن الجديد في سوق العمل وسيطرة مفاهيم شراكة القرار بين الدولة ومصالح الشركات والتي تكرست من خلال فتح الباب العريض للعمالة غير النظامية والعمالة الوافدة.
يتعرض منطق رفع الاجور اليوم لضغوطات هائلة يحركها العجز الضخم في ميزانية الدولة وتعسر معظم مؤسسات القطاع الخاص خاصة بعد الدخول في حقبة انهيار النموذج الاقتصادي.
ان اي تصحيح للاجور في القطاعين العام والخاص لن يتم بعد اليوم من خلال قاطرة الحد الادنى او اي رفع عام لمستوى الاجور بل سيتجه اكثر نحو استنسابية الشركات بحسب حاجتها للعمالة والارجح انه سيتم من خلال العلاوات لا من خلال اصل الاجر الثابت لان ذلك يحرر الشركات من الالتزامات طويلة الاجل.
كذلك سوف تتجه الشركات اكثر فأكثر إلى التلزيم وهو نظام قاتل لنظام الوظيفة.
أما الدولة فهي تتجه بحسب الخطة الاقتصادية الى تعويضات بالحزمة lump sum عن تراجع دخول موظفيها بسبب تراجع سعر الصرف والتضخم وهذا ايضاً يعفيها من الالتزام باعباء محددة طويلة الاجل.
في ظل سياسة تقنين الاستيراد وغياب العملات الصعبة يلعب تخفيض مستوى الاجر دوراً حاسماً في تقليص قدرة الطلب في الاقتصاد على التحول الى طلب المستوردات من بضائع وخدمات.
ان تعديل مستوى دخل الاجور لن يكون ممكناً الا مع اطلاق دورة اقتصادية داخلية واسعة في قطاعات التكنولوجيا والزراعة والصناعة بما يعزز عرض البضائع المنتجة محلياً ويمنع تحول المداخيل الى الاستيراد او اسواق القطع.
بانتظار ذلك سوف يعاني أصحاب الاجر وصغار المنتجين ما لم يتم تطوير الخدمات العامة وشبكات الامان الاجتماعي.

د بيار خوري – اكاديمي وخبير اقتصادي
خاص جديدنا

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy