The News Jadidouna

رياح التغيير …و الضحية أوروبا

إستشرف العالم ملامح نظام جديد غير منظور ولكن منتظر ، بطله كباش الجبابرة بين الولايات المتحدة الاميركية و بين الصين الشعبية.

الباب الاول : معالجة تقييمية للصراع الاميريكي -الصيني .

لم يعد بخافٍ الحرب المعلنة تارة و تارة الخفية المندلعة منذ عقدين بين واشنطن و بكين و التي استعرّ فيها الخلاف في الآونة الأخيرة ناشراً غبار المعركة على أثير وباء جرثومي …أو متخذاً لنفسه شكل وباء يجتاح العالم .
كثرت بالآونة الاخيرة مقالات و و تكهّنات تعزو سبب الفيروس الفتّاك الى نتيجة تجارب بيولوجية أتت قصدية أو غير قصدية ..لتنبت رعباً في الصين لتمتد ببراثينها لتشمل العالم اجمع.

أربأ الدخول في هذا المضمار و تكهناته ؛ واجداً من الضروري مقاربة الواقع الملموس الذي سيغيير لعبة الامم و سيؤدي حتما الى قيام نظام عالمي جديد .

أولا : مكامن القوة في الاقتصاد الصيني
.
ان التسارع الصناعي و الابتكاري الذي تنفرد به الصين لما عند هذه الدولة من أرض خصبة للإنتاج و وفرة بمقوماتها الشعبية و بالأخص تميزّها بالابتكار التكنولوجي ؛ هذا التسارع في التطور أمسى حصيناً تحت حماية المعاهدات الدولية التي تحمي الملكية الفكرية و براءات الاختراع و الابتكارات . بالاستناد الى القوانين الدولية ،يلجأ الصينون الى تسجيل ما يقارب النصف مليون ملكية فكرية سنوياً .من ابتكارات و اختراعات ،و لعل معظم هذه الابتكارات هي تطويرات لابتكارات سابقة تسابق الحاضر و تتلقف المستقبل.

ثانياً : مكامن الضعف عند اللاعب الاميريكي.

لالقاء الضوء على مكامن الضعف عند النظام الاميركي ، لا بد من تبيان مقومات القوة عند الصين.
ان اللاعب الصيني يلعب على ارضه و بدعم من جمهوره متسلحاً بالموقع الجغرافي المتاخم لدول استهلاكية وجهتها الصين والتي ترهبها اميركا بالفتن والعقوبات لثنيها عن وجهتها في ظل عجزها الانتاجي…
هذا و أن العنوان العريض للنظام الصيني هو الاكتفاء الذاتي و القدرة الذاتية على الابتكار و التنفيذ.
فأميركا بانصرافها التام بالاهتمام المطلق بالسياسة الخارجية و النفطية لا سيما بما يجري بالملعب الصيني من تطور و بمحاولاتها الدؤوبة لكبح هذا المسار الاقتصادي الفعّال ؛ تترك ساحتها مغلقة من دون توجيه اهتمام و أولوية الادارة الاميركية نحو الداخل الاميركي لأنهاض المنظومة الاقتصادية و الانتاجية عند الاميركيين. مما يؤدي الى اهتراء حتمي في بنية الاقتصاد الاميركي . و تُبقي مسرح الواقع متمثلاً بمشهد تعاظم قوة الصين و ركض الاميركي خلف هذا التسارع لكبحه و ايقافه .
ولا أجد مهرباً من تفاقم آثار الحرب هذه ريثما يجلس الفريقان المتنازعان على طاولة المفاوضات ضمن اطار نظام عالمي جديد لتقاسم النفوذ و ضمان المكاسب.

الباب الثاني : أوروبا ضحية النظام العالمي الجديد .

إن القارة العجوز ثبت فيها عجزها في ظل انكشاف اهتراء أسس كاهلها الانتاجي و الاقتصادي .

أولاً : في عدم التكافؤ بين اعضاء الاتحاد الاوروبي.

بينما يصمد الاتحاد الاوروبي بألمانيا شبه وحيدة أضافة الى فرنسا التي أمست كالمرأة العرجاء التي تسير و تجرّ معها اعباء النظام الاجتماعي الذي يُنزِف خزينتها و هذا النظام الذي يتآكله شبح التجنيس الذي غزاها منذ بداية الالفية الثالثة تحت راية حقوق الانسان و حرية المعتقد .حيث افاقت من ثباتها باريس مؤخراً عبر قرار الرئيس ماكرون بوقف النزف بالخزينة الذي يستقي منه كبار السن والفرنسيين الجدد الوافدين من الضفة المقابلة للمتوسط و الذين لبسوا gilet Jaune بعد أن بان لهم ان امر تولي عبء بطالتهم كشف وأنه سبب نزف في الخزينة الفرنسية مما أدى الى مطالبة الاحزاب اليمينية بادراج ١٥ الف مستفيد جديد من مقدمات الدولة ..الامر الذي سيوسع دائرة عجز مرتقب في خزينة الدولة الفرنسية قي ظل انكماش انتاجي و صناعي .

من ناحية أخرى و بحسب ارقام موازنة الدولة الايطالية ، ثبت عجز بقيمة ١٨ مليار يورو ،
مرشح للازدياد في ظل تداعيات وباء كوفيد ١٩ الذي فتك بجسمها الصحي و الاستشفاءي و اتى على ما تبقى من احتياطات خزينة الدولة ..

ناهيكم عن النموذج الاسباني و اليوناني و سواهم على خارطة الاتحاد الاوروبي الذي ضُرِب على الخاصرة بخروج بريطانيا منه.

ثانياً : اهتزاز اركان الاتحاد الأوروبي.

في ظل عاصفة الأزمة الاقتصادية التي تهدد العالم و تلوح بنظام عالمي جديد. لا بد ان تنكفئ الدول على ذاتها و ان تحافظ على مصادرها التموينية والانتاجية لمواجهة اي خطر مستجد في فترة انتشار وباء كورونا و ما بعده .، الامر الذي سيؤدي حتما الى تفكك و الى تصدع في بنية الاتحاد الاوروبي و عزل الدول الاعضاء التي تشكل عبئاً على الدول القوية مثال الدولة الألمانية و قد بان هذا ابّان مناشدة الدولة الايطالية و التشيكية للدولة الصينية للتدخل بالمساعدة و انتقال طواقم طبية روسية الى الاراضي الايطالية للمساعدة الطبية .

فالنتيجة بأقل تقدير تفكك واضح في بنية الاتحاد الأوروبي و يبقى الحل استنباط الحلول الانتاجية والصناعية التنافسية والخروج من الانغلاق تجاه الشرق وافريقيا وتنمية الاكتفاء الذاتي ضمن بنية صحية و استشفائية متينة ،كما و التخلّص من اعباء النظام الاجتماعي الذي ينهش في خزينة الدول الاوروبية دون استثناء .

المحامي أنطوان سامي خليل

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy