The News Jadidouna

سرية الجرد حاربت وصمدت بوجه السوريين : بجرود عيون السيمان واحدنا حارب ١٠٠

يروي المقاوم الكتائبي سعود ابو شبل:

فجر الجمعة ٢٤ نيسان ١٩٨١ كان صدى القصف الذي تتعرّض له الغرفة الفرنسية في أعالي صنّين يتردّد في قرى جرد كسروان والمتن، وكانت الأجهزة اللاسلكية في ثكنة حراجل حيث تتمركز سرية”الجرد” تنقل للمقاتلين المتبقّين في الثكنة وعددهم حوالي الخمسة عشر مقاتلاً ما يتعرّض له رفاقهم من مجموعة”وحدات رشدان”(نسبة إلى إسم شهيد من هذه الوحدة) المتمركزين في ذلك الموقع.

حوالي الساعة الثامنة يتّصل نزيه المير وسامي خويري(قائد قطاع كسروان) بالثكنة طالبين من المقاتلين المتواجدين هناك التوجّه إلى مقرّ قيادة الجبهة في” ثكنة المزار”-عيون السيمان. سريعاً يجمع المقاتلين عتادهم وسلاحهم الفردي إضافة إلى قاذفة rpg ورشاش متوسّط من نوع ماغ ويتّجهون نحو عيون السيمان بآليتين عسكريتين متهالكتين من نوع لاندروفر.

عند وصول المجموعة إلى”ثكنة المزار” حيث كان متواجداً إضافة إلى قادة الثكنة الشيخ أمين الجميّل، الشيخ بشير الجميّل وعادل أبو حبيب ومجموعة تضمّ حوالي العشرين مقاتلاً من كتائب المتن الشمالي تحت إمرة عادل إيليّا بينما كانت الأخبار عن إمكانية سقوط الغرفة الفرنسية بيد الجيش السوري تُرخي بظلالها على الحاضرين.

يُطْلٓبْ من المجموعتين، أي مجموعة عادل إيليّا ومجموعة سرية الجرد تحت إمرة حنّا خليل(الملقّب بالطاحون) التوجّه إلى الغرفة الفرنسية لدعم ومساندة الشباب المدافعين عنها. إنطلقت المجموعتان إلى ساحة التزلّج ليتمّ نقلهم بواسطة”التليسياج”(التلفريك المخصّص لهواة التزلّج) إلى آخر نقطة يصل إليها، ومن هذه النقطة كان على المقاتلين السير بصعوبة على الثلوج حوالي الكيلومترين للوصول إلى أعلى نقطة في تلّة المزار التي وصلوها حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهراً. كان مشهد الغرفة الفرنسية المكشوفة بالكامل على المقاتلين مرعباً، فالقصف الشديد الذي تتعرّض له بمدافع الميدان وصواريخ الطوٌافات السوريّة التي كانت أيضاً تقوم بإنزال الجنود على التلال المحيطة بالغرفة إضافة إلى ناقلات الجند التي تنقل العشرات من القوات الخاصّة السورية تدلّ على شراسة المعركة وعدم تكافؤ القوى المتواجهة.

من هناك سلكت مجموعة المتن الدرب من جهة اليمين للإلتفاف والوصول إلى الغرفة الفرنسية من الجهة الخلفية، أما مجموعة سرية الجرد بإمرة حنا خليل(الطاحون) التي تضمّ بيار يوسف عقيقي، طوني الياس مهنّا، جورج بطرس عقيقي، جان مهنٌا(كارتر)، يوسف طانوس بو خليل، يعقوب عبدو سلّوم، جورج عبدو شقير(ملقّب rpg)، جوزيف الياس زغيب(الجعفر)، سيمون أديب زغيب، جوزيف بشارة مهنّا(ملقّب علي) جوزيف نصرالله زغيب ورفاقهم فتوجّهت سالكة الدرب العامودي الذي يصل مباشرة إلى الغرفة الفرنسية، من دون أن تملك أية وسيلة إتصال سمعية مع القيادة أو أي مجموعة مقاتلة أخرى، الإتصال الوحيد كان ما تراه الأعين عمّا يجري حولهم. المسافة الفاصلة بين مكان تمركز المجموعة والغرفة الفرنسية لا يتجاوز الكيلومتر الواحد(خطّ نار)، تابع عناصر المجموعة سيرهم ملاحظين توقّف القصف على تلة الغرفة الفرنسية، ومقاتلين يرتدون بذّات بيضاء اللون يتوجّهون نحوهم من الغرفة، لم يكن بالإمكان معرفة هوية المقاتلين، فشباب”وحدات رشدان” يرتدون بذّات بيضاء وكذلك جنود الوحدات الخاصة السورية المهاجمة. في منطقة”الجوٓرْ” التي تبعد حوالي الخمسمائة متر عن الغرفة يطلب”الطاحون” من رفاقه المقاتلين الإنتشار إحترازيّاً لمواجهة أي طارئ وتأمين الحماية له أثناء تقدّمه وحيداً لإستطلاع هوية المقاتلين. عن مسافة حوالي المئة متر يصرخ”الطاحون” طالباً من المقاتلين في مواجهته كلمة السرّ المتّفق عليها”صنّين”، فيأتيه الردّ بلهجة سورية:”من أي منظّمة إنت ولاه”!! فيصرخ بهم:”كتائب”!! ويفتح النار عليهم هو وبقية المجموعة. خمسة عشر مقاتلاً بأسلحة فردية، ذخيرة محدودة ومن دون وسيلة إتصال، عليهم مواجهة العشرات من عناصر الوحدات الخاصة السورية. كانت الساعة قد قاربت الثانية والنصف ظهراً، إستمرّ الإشتباك حوالي النصف ساعة أُصيب خلاله”الطاحون” برصاصة إخترقت جعبته من دون أن تخترق جسمه. قبل نفاذ الذخيرة يطلب”الطاحون” من المجموعة الإنسحاب إلى تلّة”أبو طرّاف” للتمركز عليها، كما يطلب من طوني الياس مهنّا ويوسف طانوس أبو خليل التوجّه إلى تلّة المزار لإبلاغ القيادة بحقيقة الوضع.

بعد هذا الإشتباك توقّف تقدّم الوحدات الخاصة السورية بإتجاه تلّة المزار لتعزّز مواقعها على تلّة الغرفة الفرنسية. حوالي الساعة الرابعة والنصف يصل إلى تلّة”أبو طرّاف” مجموعة من المقاتلين لتبديل مجموعة”الطاحون” التي عادت سيراً على الإقدام إلى تلة المزار حيث كان بإنتظارهم”الراتراك” يقوده فايز خليل لينقلهم إلى ثكنة المزار، إذ كان قد حلّ الظلام وبإمكان”الراتراك” التحرّك من دون أن يتعرّض لنيران القوات السورية.

حقاً كانت العين تقاوم المخرز، مجموعة من المقاتلين الذين لا يملكون حتى وسيلة إتصال ولا يتجاوز عددهم الخمسون مقاتلاً واجهوا بظروف قاسية جيشاً جرّاراً مجهّزاً بكافة أنواع الأسلحة من طوّافات وناقلات جند… وصمدوا.

نقلا عن سعود ابو شبل

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy